في ظل أزمة النفايات المستمرة في لبنان وغياب ثقافة الفرز من المصدر، قرر المواطن عباس حمود أن يطلق مبادرة فريدة من نوعها للمساعدة في الحل، على قاعدة الإستفادة من هذا "الكنز" عبر التكافل الإجتماعي بين المواطنين.
منذ نحو 10 أيام، كشف حمود، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، عن مبادرته "cans for cash"، التي تقوم على دعوة المواطنين إلى تجميع عبوات المشروبات الغازية المصنوعة من "التنك"، والحصول على مبلغ مالي مقابل ذلك بدل رميها في سلة المهملات.
في حديث لـ"النشرة"، يوضح حمود أن العمل بدأ بشكل فردي من قبله لكن اليوم بات هناك فريق عمل، ويلفت إلى أنه انطلق من رغبة شخصية في المساعدة لمعالجة أزمة النفايات، حيث تبين بعد البحث أن جزءاً من إقتصاد الكثير من الدول يقوم على إعادة التدوير، وبالتالي لا شيء يمنع من القيام بهذه التجربة في لبنان.
ويشير حمود إلى أن الكثير من الجمعيات قامت بالعديد من حملات التوعية للمواطنين لتشجعيهم على الفرز من المصدر، إلا أن نسبة الإستجابة معها كانت ضئيلة، ويلفت إلى أن مشروعه يقوم على الجمع بين العاملين البيئي والإستثماري، ويعتبر أنه شكّل "صدمة صادقة" لدى المواطنين، ويضيف ان "العمل الذي اقوم به اليوم جاء بعد دراسة جدوى إقتصادية للمشروع".
ويشدد حمود على أن مشروعه إستثماري له نتائج إيجابيّة على البيئة، ويلفت إلى أنه دعا المواطنين إلى الشراكة معه كي يقدم الحافز لهم على الفرز من المصدر، ويضيف: "أي شخص يقوم بجمع العبوات سيكون شريكاً في الربح الذي سيتحقق"، ويؤكد أنه بحال النجاح سوف ينتقل إلى الكرتون والبلاستيك.
العامل الأساس في نجاح هذه الخطوة أنها لا تقوم على تنظيم المحاضرات والحملات الإعلاميّة، التي تحصل من خلال الصفحات الموجودة على مواقع التواصل الإجتماعي، بل في أنها عمليّة سيستفيد من يشارك فيها مادياً، رغم أن المبالغ التي يجنيها ستكون زهيدة، وهو ما يفسر التجاوب الحاصل معها.
في هذا الإطار، يوضح حمود أن قيمة مشروعه تكمن في الفكرة، ويكشف أنه بعد نحو 4 أو 5 ساعات من إطلاق الحملة تلقى طلبين من مواطنين كانوا في الأصل يعملون على تجميع العبوات ولديهم ثقافة الفرز من المصدر، بالإضافة إلى العديد من رسائل التشجيع من آخرين، ويضيف: "اليوم أنا أعمل على تحفيز الجزء الآخر من المواطنين الذين ليس لديهم ثقافة الفرز".
ولتسهيل هذه العملية، تسعى "cans for cash" إلى أن يكون لها مراكز في مختلف المناطق اللبنانية، بشكل يسهل على المواطنين تسليم الكميات التي يقومون بجمعها، عبر دعوة من لديهم محال تجارية للتعاون معها مقابل الحصول على نسبة من الأرباح، بالإضافة إلى إعلان على صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعي.
ويشير حمود إلى أنه اليوم بات هناك مراكزَ عدّة في بيروت وزكريت والبترون وزحلة، ويلفت إلى وجود مفاوضات للإتّفاق مع أحد الأشخاص ليكون كمركز معتمد في مدينة صيدا، بالرغم من تأكيده أن من يشارك في هذه العملية يجب أن يكون هدفه بيئي بالدرجة الأولى، لأن المردود المالي لن يكون كبيراً إلا أن الهدف هو ألا يضيع تعب أي شخص سيساعده، مع الاشارة إلى أن المحل التجاري سيستفيد من استقطاب المهتمين بالبيئة ليصبحوا زبائن له.
وعلى الرغم من أن حمود يؤكد أنه لم يتم التواصل معه من قبل أي جهة رسمية، يشدد على أن أساس الفكرة هو التكافل الإجتماعي، واثباته للمواطنين أن أي فكرة مهما كانت بسيطة ستكبر بحال التعاون لتحقيقها، ويضيف: "في حال التواصل معنا لديّ خطة لفتح مراكز في كل لبنان بطريقة سهلة وبسيطة وغير مكلفة كثيراً على الدولة".
في المحصلة، يشكل هذا المشروع خطوة على طريق تشجيع المواطنين على الفرز من المصدر، قد يكون مقدمة لمشاريع أخرى يقوم بها أشخاص آخرون، فهل تشجع الدولة اللبنانية مثل هذه الخطوات؟!.